سبب تأليف كتاب غاية الإحسان في خَلق الإنسان
للعلامة جلال الدين السيوطي كتاب في تسمية أعضاء الإنسان ووصف جسمه سماه’‘غاية الإحسان في خَلق الإنسان’‘، وعلى غير عادته في التقديم لكتبه بكلمات قصيرة، فإنه أطال النفس في مقدمة كتابه هذا بعض الشيء، مركزًا على سبب تأليفه له، فقال: وبعد، فإن من المهم للمتَّسمين بسمة العلم أن يحيطوا بأسماء أعضاء الإنسان، وأبعاضه، وأجزائه، وعوارضه، ويحتووا على اللغات الواردة في ذلك. وهذا أمر كان الصدر الأول شديدي العناية به، والتأليف فيه، وقد انقرض منذ دهر مديد، وآل أمر الناس اليوم إلى الجهل المحض، حتى ترى أعيان الناس اليوم، المشار إليهم بالعلم، لا يعرفون من أسماء أعضاء الإنسان إلا ما تعرفه النساء والأطفال من الأسماء المشهورة، كالرأس، والعين، واليد، والرجل، وما شاكل ذلك، ولو سئل الواحد منهم عن تمييز كوعه من بوعه لم يعرف ذلك. ولقد سئلت مرة عن الوَرِك والفَخِذ، هل هما اسمان لشيء واحد، أو مسمى هذا غيرُ مسمى هذا؟ فحداني ذلك على الاهتمام بالإحاطة بخلق الإنسان، والتتبع له من كتب اللغة والتأليف فيه، فإني على كثرة تصانيفي جدًّا، البالغة في العدد أربعمائة مؤلَّف (كان هذا أثناء تأليفه الكتاب)، لم أضع في فن اللغة شيئًا، فأحببت أن يكون لي فيه كتاب. ومن عاداتي ألّا أؤلف إلا فيما لم أُسبَق إلى مثله، وأن أستوعب ما ألِّف فيه (لعلها أؤلف فيه)… وقال بعد أن عدَّد كتبًا في موضوعه: … وكلٌّ يزيد على الآخر، فجمعتُ ما في هذه الكتب، وزدت على ذلك أضعافه من كتب شتى، وسميت هذا التأليف ‘‘غاية الإحسان في خَلق الإنسان’‘، والله المستعان، وعليه التكلان. وقد بدأت أولاً ببابٍ في أسماء جملة الإنسان، ثم بوَّبتُ لكل عضو من أعضائه بابًا، وأصدِّر في كل باب بالأسماء، ثم أختم بالصفات، والله المعين.